آداب وأحكام المطر والرعد والبرق والريح والبَرَدَ
عيسى بن حسن الذياب |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد :
فإن هطول الأمطار رحمة من والله وبركة على خلقه ، وإن إنزال المطر من الله يعلمنا العطاء لمن أساء إليك ، فأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى كما أحيا الأرض بوابل خيره ومطره ورزقه أن يحي قلوبنا بالإيمان .
ففي فصل الشتاء يكثر هطول الإمطار وسماع الرعد ورؤية والبرق ولربما نزل الَبَرَد وهبت الرياح , وهناك آداب وأحكام كثيرة تتعلق بالمطر والرعد والبرق والبَرَدَ والريح , يجهلها البعض ويتغافل عنها البعض الآخر , وسوؤرد بإذن الله بعض هذه الآداب والأحكام المتعلقة بهذا , منها :
الدعاء [ لطلب ] نزول المطر :
قال أنس رضي الله عنه : دخل رجل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فقال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا فرفع رسول الله يديه ثم قال :" اللهم أغثنا اللهم أغثنا " .
أو أي دعاء فيه طلب نزول المطر .
عند رؤية الغيم والسحاب :
*عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه فقالت يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهة فقال ( يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب , عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا ) أخرجه أبوداود وصححه الشيخ الألباني كما في الأدب المفرد ح (251-189) وسنن أبي داود ح (5098) .
الدعاء والذكر [ حال ] نزول المطر :
روى الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم : صلى صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال (هل تدرون ماذا قال ربكم) قالوا الله ورسوله أعلم قال: (قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) .
روى الإمام البخاري عن عائشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال ( اللهم صيبا نافعا ) .
( اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق ) , فكل ذلك صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أو أي دعاء وذكر فيه شكر الله على نزول المطر .
الدعاء إذا [ اشتد نزول المطر ] وخشي من الضرر :
في الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ... الآية لأنها تناسب الحال ) .
هل الدعاء عند نزول المطر مستجاب .؟
[هذه مسألة اختلف فيها أهل العلم وسبب خلافهم في ذلك اختلافهم في الأحاديث الواردة في ذلك فبعض أهل العلم يصححها والبعض يضعفها .. فمن يصححها يعمل بها ومن يضعفها لا يعمل بها]
عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث) أخرجه الشافعي في الأم في آخر الاستسقاء وهو مرسل أو معضل لأن مكحول لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم , وصحح هذا الحديث الشيخ الألباني كما في صحيح الجامع ح ( 1026) .
قال الشافعي ( حفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة ) .
وله شاهد عن عطاء ابن أبي رباح قال ( تفتح السماء عند ثلاث خلال فتحروا فيهن الدعاء ........) فذكر مثل مرسل مكحول أخرجه سعيد بن منصور في سننه وهو مقطوع جيد لكن له حكم المرسل لأن مثله لا يقال بالرأي (من كتاب الأذكار للنووي (71) الحاشية ) .
وجاء عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن عند التقاء الصفوف في سبيل الله وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة) قال محقق كتاب الأذكار ( حديث غريب أخرجه البيهقي في المعرفة وأشار إليه في السنن وإلى ضعفه بعفير بن معدان أحد رواته شامي ضعيف ) وضعفه الشيخ الألباني كما في ضعيف الجامع ح ( 2465 ) قال ضعيف جداً .
وله شاهد من حديث ابن عمر قال قال صلى الله عليه وسلم : ( تفتح أبواب السماء لخمس ........) فذكر نحوه وسنده ضعيف أيضا ( محقق الأذكار ) .
قال البيهقي : وقد روينا في حديث موصول عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدعاء لا يرد عند النداء وعند البأس وتحت المطر ) لكن في سنده مجهول ( محقق الأذكار ) .
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ح ( 1469 ) ( لكن الحديث له شاهد من حديث سهل بن سعد وابن عمر وأبي أمامة وهي وإن كانت مفرداتها ضعيفة إلا أنها إذا ظمت إلى هذا المرسل أخذ بها قوة وارتقى إلى مرتبة الحسن إن شاء الله ) .
[ كشف الرأس ] عند نزول المطر :
روى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه قال أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا ؟ قال ( لأنه حديث عهد بربه ) .
هذا الحديث من أدلة أهل السنة والجماعة في ( إثبات العلو لله ) العلو فوق خلقه مستوي على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى .
قوس قزح :
جاء حديث في النهي عن قول ( قوس قزح ) عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوع ( لا تقولوا قوس قزح فإن قزح من شيطان ولكن قولوا قوس الله عز وجل فهو أمان لأهل الأرض من الغرق ) أخرجه أبو نعيم في ( الحلية ) والخطيب في ( تاريخه ) وابن الجوزي في ( الموضوعات ) الشيخ الألباني يرجح وقف هذا الحديث .
فعلى هذا .. لا ينهى عن قول قوس قزح لأن حديث النهي ضعيف هذا مفاد الذي فهمته من كلام الشيخ الألباني السلسلة الضعيفة ح (872 ) ، (لكن الأفضل والأكمل أن يقال قوس الله بدل من قول قوس قزح) .
جاء عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال : ( إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق ) أخرجه العقيلي في الضعفاء والطبراني في الكبير قال الحافظ ابن كثير في البداية ( 1/ 38 ) إسناده صحيح , قال الألباني: ( وفيه عندي نظر لأن في سنده عارماً أبا النعمان واسمه محمد بن الفضل وكان تغير بل اختلط في آخر عمره ) السلسلة الضعيفة (872)وقال الشيخ ( وإذا ثبت أن الحديث موقوف فالظاهر انه من الإسرائيليات التي تلقاها بعض الصحابة عن أهل الكتاب ) السلسلة الضعيفة (782 ) .