هذا شعر جميل جداا لطفلة فلسطينية
عَصَفَ الرَّصاصُ بأمِّها وأَبيها
وبزوجها الغالي وكلِّ بَنيها
نَثَروا أمام الدَّار مُخَّ صغيرها
«وتفنَّنوا» في صُنْع ما يُؤْذيها
هدموا منازلَها ولم يَدَعُوا لها
داراً لها في أرضها تُؤْويها
سرقوا عباءتَها وأرخوا حاجزاً
يُخفي عن الأنظار مُغتصبيها
صاحتْ وصاح إباؤها وعَفافُها
وبكتْ، ولكن عند مَنْ يُبكيها
عطشتْ وزخَّاتُ الرصاص تزيدُها
عطشاً، ولم تظفَرْ بمن يَسقيها
لمَّا أفاقتْ من دُوار جراحها
وتوقَّفَتْ طَلَقاتُ مَنْ يَرميها
نادتْ، ولم تسمعْ مجيباً، إِنَّما
سمعتْ صدىً من صوتها يُشقيها
ورنَتْ إلى الأُفُق البعيد فما رأتْ
إلاَّ وجوهَ عُتاةِ جلاَّديها
أينَ الدِّيارُ، وأَجْهَشَتْ آثارُها
من حولها، وبكتْ دماءُ ذَويها
وتدفَّقتْ لغةُ الرُّكام حزينةً
تروي حكايا، ماتَ من يَرويها
قال الرُّكامُ: أنا الدِّيارُ تحطَّمَتْ
بالأمس، وانهدمتْ على أَهليها
صارتْ قبوراً للضحايا، بعدما
كانوا يبثُّون السعادةَ فيها
بالأمس جاء الليل وهي سعيدةٌ
واليومَ، ظُلْمَةُ فجرها تُشقيها
ولربَّما اسودَّ الضياءُ إذا رأتْ
عينُ ابنِ آدمَ فيه ما يُعْشيها
تبكي الحزينةُ والعواصفُ لم تَزَلْ
برمال بَيْداءِ الأسى تُقْذيها
في وجهها الحُنْطيِّ، ألفُ حكايةٍ
بلسانِ حَسْرةِ قلبها تحكيها
مَنْ أنتِ، والتفتَتْ إليَّ، وصَمْتُها
مني برغم جفافها يُدْنيها
من أنتِ؟، واشتعلتْ على أَهدابها
نظراتُ حُزْنٍ كاللَّظى تُصْليها
من أنت؟، وانطفأت شموعُ حديثها
مثل انطفاء اللَّحن من شاديها
أنا وجهُ أرملةٍ، وعينُ يتيمةٍ
وفؤادُ ثَكْلَى، بُؤسها يطويها
أرأيتَ، كيف تجمَّعتْ في قصتي
صُوَرُ الأسى، حتى بكى راويها؟!
أنا مَنْ أُسَمَّى «القدسَ» كيف نسيتَني
أنسيتَ أرملةً شكى شاكيها؟!
أنسيتَ مَنْ ترنو إليكم، مثلما
ترنوا مشرَّدةٌ إلى واديها؟!
«القدسُ» من معنى القداسةِ أحرفي
معنىً يَزيدُ مكانتي تَنْزيها
بالمسجد الأقصى شَرُفْتُ، وإِنما
تُعلي الكريمةُ قَدْرَ مَنْ يُعْليها
أنا من أُسمَّى «القدس» يَلْفَحُها الأَسى
والمعتدي بسهامه يرميها
انظرْ إليَّ بعين مَنْ لا يرتضي
ذُلاًّ، ولا يتقبَّل التَّشويها
وانقلْ لأمتك الحديثَ. فربَّما
فَطِنَتْ إلى أهدافِ مَنْ يُغويها
الأمرُ أكبرُ من قصيدةِ شاعرٍ
نشدو بها، أوخُطْبةٍ نُلْقيها
الأمر أكبر من قرارٍ سُطِّرتْ
كلماتُه في صفحةٍ نطويها
الأمرُ أمرُ الكفر أشعل نارَه
وغدا بعظْمِ صغارنا يُوْريها
الأمر أَمْرُ «العَوْلميَّةِ» أصبحتْ
تمشي على جُثَثِ المبادئ، تِيْهَا
«للعولميَّةِ» رحلةٌ مشؤومةٌ
إِبليسُ مُنْذُ تحرَّكتْ، حادِيْهَا
سارتْ و«ماسحةُ الحذاءِ» وراءَها
و«حليفةُ الشيطانِ» تَسْتَعْدِيها
ودُعاتُها المتشبِّعونَ بوهمها
يترقَّبونَ البَذْلَ من أَيديها
يَتَغيَّثُونَ سحابةً وهميَّةً
سَخِرَتْ عَوارضُها بمُسْتَسْقِيها
أنَّى تنالُ شفاءَها مسحورةٌ
إنْ كان إبليسُ الذي يَرْقيها؟؟!
قلْ للذين تعلَّقوا بسرابها
أنسيتم التزويرَ والتَّمويها؟!
نَخْلُ الكرامةِ لم يُؤَبَّرْ، مُنْذُ أَنْ
تِهْتُم، ولم يفرحْ بها جانيها
ما كلُّ ما يُغري يَسُرُّ، وإِنَّما
تشقى النفوسُ بِنَيْلِ ما يُغريها
وإِذا النفوسُ تحرَّكتْ أَطماعُها
فجميعُ ما في الأرضِ لا يكفيها
ذرَّافةَ العينين، صَبْرَكِ، إِنَّما
هي فتنةٌ سيموتُ مََنْ يُحييها
بلغ العدوُّ مَدَاه في إِفساده
وفسادُ كلِّ مسيرةٍ، يُرْديها
«القدسُ أنتِ»، نعم، حبيبةُ أمَّةٍ
ما زال نورُ كتابها يَهْديها
إني لأسمع صوتَ كلِّ حقيقةٍ
في الأرضِ، يُعلنها، ولا يُخفيها:
القدسُ عاصمةٌ يقدِّر أمرَها
مَنْ قدَّر الإسراءَ في ماضيها
كلُّ الدَّعاوى سوف تأكلُ بعضَها
حتى نرى الرجلَ السَّفيهَ سفيها
نسيتْ «مُعَاقِرَةُ الدِّماءِ» نهايةً
اللهُ جلَّ جلالُه، يُنْهيها