حسن البصري |
هو الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد مولى زيد بن ثابت الأنصاري ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي. وكان أبوه مولى جميل بن قطبة وهو من سبي ميسان، سكن المدينة وأُعتِق وتزوج بها في خلافة عمر فولد له بها الحسن رحمة الله عليه لسنتين بقيتا من خلافة عمر. وأمة خيرة مولاة لأم سلمة كانت تخدمها، وربما أرسلتها في الحاجة فتشتغل عن ولدها الحسن وهو رضيع فتشاغله أم سلمة بثدييها فيدران عليه فيرضع منهما، فكانوا يرون أن تلك الحكمة والعلوم التي أوتيها الحسن من بركة تلك الرضاعة من الثدي المنسوب إلى رسول الله، ثم كان وهو صغير تخرجه أمه إلى الصحابة فيدعون له وكان في جملة من يدعو له عمر بن الخطاب قال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس.
عدَّه ابن سعد في طبقاته من الطبقة الثانية وهم دون من قبلهم في السن.
بلد المعيشة والرحلات
:
أصله من ميسان، ولد ونشأ بالمدينة بين الصحابة، وسافر إلى كابل، وكان كاتبًا للربيع بن زياد في خراسان في عهد سيدنا معاوية رضي الله عنهن وسكن بعد ذلك البصرة، وعرف بالحسن البصري.
أصله من ميسان، ولد ونشأ بالمدينة بين الصحابة، وسافر إلى كابل، وكان كاتبًا للربيع بن زياد في خراسان في عهد سيدنا معاوية رضي الله عنهن وسكن بعد ذلك البصرة، وعرف بالحسن البصري.
الصحابة الذين تعلم على أيديهم
:
ولد الحسن البصري في المدينة ونشأ بين الصحابة رضوان الله عليهم، مما دفعه إلى التعلم من الصحابة، والرواية عنهم، ورأى الحسن البصري عدد من الصحابة وعاش بين كبار كعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله، وروى عن عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعبد الرحمن بن سمرة وسمرة بن جندب وأبي بكرة الثقفي والنعمان بن بشير وجابر وجندب البجلي وابن عباس وعمرو بن تغلب ومعقل بن يسار والأسود ابن سريع وأنس بن مالك وروى عن عدد كبير من الصحابة.
ولد الحسن البصري في المدينة ونشأ بين الصحابة رضوان الله عليهم، مما دفعه إلى التعلم من الصحابة، والرواية عنهم، ورأى الحسن البصري عدد من الصحابة وعاش بين كبار كعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله، وروى عن عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعبد الرحمن بن سمرة وسمرة بن جندب وأبي بكرة الثقفي والنعمان بن بشير وجابر وجندب البجلي وابن عباس وعمرو بن تغلب ومعقل بن يسار والأسود ابن سريع وأنس بن مالك وروى عن عدد كبير من الصحابة.
أثر التابعين فيه
:
كما كان للصحابة أثرًا في تربية الحسن بسبب نشأته بينهم، وتعلمه على أيديهم، كان لبعض التابعين أثرًا كبيرًا في نفسه: فلقد روي أنه كان يقص في الحج فمر به علي بن الحسين رضي الله عنهما فقال له: يا شيخ، أترضى نفسك للموت؟ قال: لا قال: فلله في أرضه معاد غير هذا البيت، قال: لا قال: فثم دار للعمل غير هذه الدار، قال: لا قال: فعملك للحساب، قال: لا قال: فلم تشغل الناس عن طواف البيت قال: فما قص الحسن بعدها.
كما كان للصحابة أثرًا في تربية الحسن بسبب نشأته بينهم، وتعلمه على أيديهم، كان لبعض التابعين أثرًا كبيرًا في نفسه: فلقد روي أنه كان يقص في الحج فمر به علي بن الحسين رضي الله عنهما فقال له: يا شيخ، أترضى نفسك للموت؟ قال: لا قال: فلله في أرضه معاد غير هذا البيت، قال: لا قال: فثم دار للعمل غير هذه الدار، قال: لا قال: فعملك للحساب، قال: لا قال: فلم تشغل الناس عن طواف البيت قال: فما قص الحسن بعدها.
أثره في الآخرين
:
إن رجلاً تربى على يد الصحابة وأخذ عنهم وتعلم منهم تجد له آثارًا واضحة في الآخرين، فعن إياس بن أبي تميمة يقول: شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة والفرزدق إلى جنبه على بعير، فقال له الفرزدق: قد استشرفنا الناس يقولون: خير الناس، وشر الناس قال: يا أبا فراس، كم من أشعث أغبر ذي طمرين خير مني؟ وكم من شيخ مشرك أنت خير منه؟ ما أعددت للموت؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله قال: إن معها شروطًا فإياك وقذف المحصنة قال: هل من توبة؟ قال: نعم.
وخرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب فقال: ما يجلسكم ها هنا؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء، أما والله ما مجالستهم مجالسة الأبرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، قد فرطحتم نعالكم وشمرتم ثيابكم وجززتم شعوركم فضحتم القراء فضحكم الله، والله لو زهدتم فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيكم أبعد الله من أبعد.
موقفه مع ابن سيرين:
كان بين الحسن البصري وبين ابن سيرين هجرة، فكان إذا ذكر ابن سيرين عند الحسن يقول: دعونا من ذكر الحاكة، وكان بعض أهل ابن سيرين حائكًا، فرأى الحسن في منامه كأنه عريان، وهو قائم على مزبلة يضرب بالعود، فأصبح مهموما برؤياه، فقال لبعض أصحابه: امض إلى ابن سيرين، فقص عليه رؤياي على أنك أنت رأيتها، فدخل على ابن سيرين وذكر له الرؤيا فقال ابن سيرين: قل لمن رأى هذه الرؤيا، لا تسأل الحاكة عن مثل هذا. فأخبر الرجل الحسن بمقالته، فعظم لديه، وقال: قوموا بنا إليه، فلما رآه ابن سيرين، قام إليه وتصافحا وسلم كل واحد منهما على صاحبه، وجلسا يتعاتبان، فقال الحسن: دعنا من هذا، فقد شغلت الرؤيا قلبي. فقال ابن سيرين: لا تشغل قلبك، فإن العري عري من الدنيا، ليس عليك منها علقة وأما المزبلة فهي الدنيا، وقد انكشفت لك أحوالها، فأنت تراها كما هي في ذاتها، وأما ضربك بالعود، فإنه الحكمة التي تتكلم بها وينتفع بها الناس. فقال له الحسن: فمن أين لك أني أنا رأيت هذه الرؤيا? قال ابن سيرين: لما قصها علي فكرت، فلم أر أحدًا يصلح أن يكون رآها غيرك.
موقفه مع عمر بن عبد العزيز
:
كتب الحسن بن أبي الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد يا أمير المؤمنين، اعلم أن الدنيا ليست بدار إقامة وإنما أهبط آدم إليها عقوبة؛ فبحسب من لا يدري ثواب الله أنه ثواب، وبحسب من لا يدري عقاب الله أنه عقاب، ليست صرعتها كالصرعة تهين من أكرمها، وتذل من أعزها، وتفقر من جمعها، ولها في كل حين قتيل، فالزاد منها تركها والغنى فيها فقرها، هي والله يا أمير المؤمنين كالسم يأكله من لا يعرفه ليشفيه وهو حتفه؛ فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يحتمي قليلاً مخافة ما يكره طويلاً، ويصبر على شدة الدواء مخافة البلاء، فأهل البصائر الفضائل فيها يا أمير المؤمنين مشيهم بالتواضع، وملبسهم بالاقتصاد، ومنطقهم بالصواب، ومطعمهم الطيب من الرزق، قد نفذت أبصارهم في الآجل كما نفذت أبصارهم في العاجل، فخوفهم في البر كخوفهم في البحر، ودعاؤهم في السراء كدعائهم في الضراء، ولولا الأجل الذي كتب عليهم لم تقر أرواحهم في أبدانهم إلا قليلاً خوفًا من العقاب وشوقًا إلى الثواب، عظم الخالق في أعينهم وصغر المخلوق عندهم فارض منها بالكفاف وليكفك ما بلغك المحل.
كتب الحسن بن أبي الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد يا أمير المؤمنين، اعلم أن الدنيا ليست بدار إقامة وإنما أهبط آدم إليها عقوبة؛ فبحسب من لا يدري ثواب الله أنه ثواب، وبحسب من لا يدري عقاب الله أنه عقاب، ليست صرعتها كالصرعة تهين من أكرمها، وتذل من أعزها، وتفقر من جمعها، ولها في كل حين قتيل، فالزاد منها تركها والغنى فيها فقرها، هي والله يا أمير المؤمنين كالسم يأكله من لا يعرفه ليشفيه وهو حتفه؛ فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يحتمي قليلاً مخافة ما يكره طويلاً، ويصبر على شدة الدواء مخافة البلاء، فأهل البصائر الفضائل فيها يا أمير المؤمنين مشيهم بالتواضع، وملبسهم بالاقتصاد، ومنطقهم بالصواب، ومطعمهم الطيب من الرزق، قد نفذت أبصارهم في الآجل كما نفذت أبصارهم في العاجل، فخوفهم في البر كخوفهم في البحر، ودعاؤهم في السراء كدعائهم في الضراء، ولولا الأجل الذي كتب عليهم لم تقر أرواحهم في أبدانهم إلا قليلاً خوفًا من العقاب وشوقًا إلى الثواب، عظم الخالق في أعينهم وصغر المخلوق عندهم فارض منها بالكفاف وليكفك ما بلغك المحل.
من ملامح شخصيته
:
عبادته وعلمه
:
كان الحسن البصري صوامًا قوامًا، فكان يصوم الأشهر الحرم والاثنين والخميس. ويقول ابن سعد عن علمه: كان الحسن جامعًا عالمًا عاليًا رفيعًا ثقة مأمونًا عابدًا ناسكًا كبير العلم فصيحًا جميلاً وسيمًا وكان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وقدم مكة فأجلسوه على سرير واجتمع الناس إليه فحدثهم، وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وطاووس وعمرو بن شعيب فقالوا أو قال بعضهم: لم نر مثل هذا قط.
وكان أنس بن مالك يقول: سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا.
و قال أبو سعيد بن الأعرابي في طبقات النساك: كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ويسمعون كلامه ويذعنون له بالفقه في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلس خاص في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، فإن سأله إنسان غيرها تبرم به وقال: إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر، فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث والفقه وعلم القرآن واللغة وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، وكان منهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص كعمرو بن عبيد وأبي جهير وعبد الواحد بن زيد وصالح المري وشميط وأبي عبيدة الناجي وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال يعني في العبادة.
وعن بكر بن عبد الله المزني قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا فلينظر إلى الحسن. وقال قتادة: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام.
كان الحسن البصري صوامًا قوامًا، فكان يصوم الأشهر الحرم والاثنين والخميس. ويقول ابن سعد عن علمه: كان الحسن جامعًا عالمًا عاليًا رفيعًا ثقة مأمونًا عابدًا ناسكًا كبير العلم فصيحًا جميلاً وسيمًا وكان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وقدم مكة فأجلسوه على سرير واجتمع الناس إليه فحدثهم، وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وطاووس وعمرو بن شعيب فقالوا أو قال بعضهم: لم نر مثل هذا قط.
وكان أنس بن مالك يقول: سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا.
و قال أبو سعيد بن الأعرابي في طبقات النساك: كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ويسمعون كلامه ويذعنون له بالفقه في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلس خاص في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، فإن سأله إنسان غيرها تبرم به وقال: إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر، فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث والفقه وعلم القرآن واللغة وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، وكان منهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص كعمرو بن عبيد وأبي جهير وعبد الواحد بن زيد وصالح المري وشميط وأبي عبيدة الناجي وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال يعني في العبادة.
وعن بكر بن عبد الله المزني قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا فلينظر إلى الحسن. وقال قتادة: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام.
خوفه وخشيته
:
ومما يعرف عن الحسن البصري شدة خوفه وخشيته لله عز وجل، ومن ذلك ما رواه حميد الطويل قال: خطب رجل إلى الحسن فكنت أنا السفير بينهما قال: فكأن قد رضيه، فذهبت يوما أثني عليه بين يديه فقلت: يا أبا سعيد، وأزيدك أن له خمسين ألف درهم قال: له خمسون ألفًا ما اجتمعت من حلال، قلت: يا أبا سعيد إنه ما علمت لورع مسلم، قال: إن كان جمعها من حلال فقد ضن بها عن حق، لا والله لا يجري بيننا وبينه صهر أبدا.
وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين قال: وأما الحسن فما رأينا أحدًا أطول حزنًا منه، ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة. ويقول يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما. وعن حفص بن عمر قال: بكى الحسن فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن يطرحني غدًا في النار ولا يبالي.
ومما يعرف عن الحسن البصري شدة خوفه وخشيته لله عز وجل، ومن ذلك ما رواه حميد الطويل قال: خطب رجل إلى الحسن فكنت أنا السفير بينهما قال: فكأن قد رضيه، فذهبت يوما أثني عليه بين يديه فقلت: يا أبا سعيد، وأزيدك أن له خمسين ألف درهم قال: له خمسون ألفًا ما اجتمعت من حلال، قلت: يا أبا سعيد إنه ما علمت لورع مسلم، قال: إن كان جمعها من حلال فقد ضن بها عن حق، لا والله لا يجري بيننا وبينه صهر أبدا.
وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين قال: وأما الحسن فما رأينا أحدًا أطول حزنًا منه، ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة. ويقول يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما. وعن حفص بن عمر قال: بكى الحسن فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن يطرحني غدًا في النار ولا يبالي.
قوله الحق
:
لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق وأضيفت إليه خراسان وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك؛ استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون فيكتب إلي بالأمر من أمره فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر فما ترون؟ فقال ابن سيرين والشعبي قولاً فيه تقية، فقال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا ابن هبيرة، خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، إن الله يمنعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله، وأوشك أن يبعث إليك ملكًا فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا ينجيك إلا عملك، يا ابن هبيرة، إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرًا لدين الله وعباده؛ فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فأجازهم ابن هبيرة وأضعف جائزة الحسن فقال الشعبي لابن سيرين سفسفنا له فسفسف لنا.
لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق وأضيفت إليه خراسان وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك؛ استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون فيكتب إلي بالأمر من أمره فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر فما ترون؟ فقال ابن سيرين والشعبي قولاً فيه تقية، فقال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا ابن هبيرة، خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، إن الله يمنعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله، وأوشك أن يبعث إليك ملكًا فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا ينجيك إلا عملك، يا ابن هبيرة، إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرًا لدين الله وعباده؛ فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فأجازهم ابن هبيرة وأضعف جائزة الحسن فقال الشعبي لابن سيرين سفسفنا له فسفسف لنا.
بذله النصيحة
:
وكان الحسن ناصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وكتب إليه عمر بن عبد العزيز: أنصحني فكتب إليه: إن الذي يصحبك لا ينصحك، والذي ينصحك لا يصحبك.
ولما كانت فتنة بن الأشعث إذ قاتل الحجاج بن يوسف انطلق عقبة بن عبد الغافر وأبو الجوزاء وعبد الله بن غالب في نفر من نظرائهم فدخلوا على الحسن فقالوا: يا أبا سعيد، ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة وفعل وفعل؟ فقال الحسن: أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، قال: فخرجوا من عنده وهم يقول نطيع هذا العلج، فخرجوا مع بن الأشعث؛ فقتلوا جميعًا.
وعن حمزة الأعمى قال ذهبت بي أمي إلى الحسن فقالت يا أبا سعيد ابني هذا قد أحببت أن يلزمك فلعل الله أن ينفعه بك قال فكنت أختلف إليه فقال لي يوما يا بني أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه وأبك في ساعات الخلوة لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين قال وكنت أدخل عليه منزله وهو يبكي وآتيه مع الناس وهو يبكي وربما جئت وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه قال فقلت له يوما يا أبا سعيد إنك لتكثر من البكاء قال فبكى ثم قال يا بني فما يصنع المؤمن إذا لم يبك يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة فإن استطعت أن لا تكون عمرك إلا باكيا فافعل لعله يراك على حالة فيرحمك بها فإذا أنت قد نجوت من النار.
روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون.
وكان الحسن ناصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وكتب إليه عمر بن عبد العزيز: أنصحني فكتب إليه: إن الذي يصحبك لا ينصحك، والذي ينصحك لا يصحبك.
ولما كانت فتنة بن الأشعث إذ قاتل الحجاج بن يوسف انطلق عقبة بن عبد الغافر وأبو الجوزاء وعبد الله بن غالب في نفر من نظرائهم فدخلوا على الحسن فقالوا: يا أبا سعيد، ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة وفعل وفعل؟ فقال الحسن: أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، قال: فخرجوا من عنده وهم يقول نطيع هذا العلج، فخرجوا مع بن الأشعث؛ فقتلوا جميعًا.
وعن حمزة الأعمى قال ذهبت بي أمي إلى الحسن فقالت يا أبا سعيد ابني هذا قد أحببت أن يلزمك فلعل الله أن ينفعه بك قال فكنت أختلف إليه فقال لي يوما يا بني أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه وأبك في ساعات الخلوة لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين قال وكنت أدخل عليه منزله وهو يبكي وآتيه مع الناس وهو يبكي وربما جئت وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه قال فقلت له يوما يا أبا سعيد إنك لتكثر من البكاء قال فبكى ثم قال يا بني فما يصنع المؤمن إذا لم يبك يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة فإن استطعت أن لا تكون عمرك إلا باكيا فافعل لعله يراك على حالة فيرحمك بها فإذا أنت قد نجوت من النار.
روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون.
شجاعته
:
كان الحسن البصري أشجع أهل زمانه كما يقول هشام بن حسان، وكان جعفر بن سليمان يقول: كان الحسن من أشد الناس، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه.
كان الحسن البصري أشجع أهل زمانه كما يقول هشام بن حسان، وكان جعفر بن سليمان يقول: كان الحسن من أشد الناس، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه.
زهده واستغناؤه عن الناس
:
وكان الحسن البصري رضي الله عنه من الزاهدين حقاً فهو الذي زهد فيما عند الملوك فرغبوا فيه واستغنى عن الناس وما في أيديهم فأحبوه، فعن يونس بن عبيد قال: أخذ الحسن عطاءه فجعل يقسمه، فذكر أهله حاجة فقال لهم: دونكم بقية العطاء أما إنه لا خير فيه إلا أن يصنع به هذا.
وعن خالد بن صفوان قال: لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال: يا خالد أخبرني عن حسن أهل البصرة؟ قلت: أصلحك الله أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قلبي به أشبه الناس سريرة بعلانية وأشبهه قولاً بفعل، إن قعد على أمر قام به وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، رأيته مستغنيًا عن الناس ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك كيف يضل قوم هذا فيهم؟! وعن مطر قال: دخلنا على الحسن نعوده فما كان في البيت شيء لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه.
وكان الحسن البصري رضي الله عنه من الزاهدين حقاً فهو الذي زهد فيما عند الملوك فرغبوا فيه واستغنى عن الناس وما في أيديهم فأحبوه، فعن يونس بن عبيد قال: أخذ الحسن عطاءه فجعل يقسمه، فذكر أهله حاجة فقال لهم: دونكم بقية العطاء أما إنه لا خير فيه إلا أن يصنع به هذا.
وعن خالد بن صفوان قال: لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال: يا خالد أخبرني عن حسن أهل البصرة؟ قلت: أصلحك الله أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قلبي به أشبه الناس سريرة بعلانية وأشبهه قولاً بفعل، إن قعد على أمر قام به وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، رأيته مستغنيًا عن الناس ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك كيف يضل قوم هذا فيهم؟! وعن مطر قال: دخلنا على الحسن نعوده فما كان في البيت شيء لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه.