دفعا للأذي النفسي الذي تتعرض له ..
حملة مصرية لحماية المرأة من التحرش
قد لا يكون التحرش الجنسي نابعاً من رغبة جنسية ، فأحياناً يلجأ إليه الرجل إثباتاً للقوة والتفوق ، هذا ما أكده باحثون في جامعة ميسوري كولومبيا.
أياً كانت أسباب لجوء الرجال إلى التحرش الجنسي ، فهم دائماً لا يقدرون حالة المرأة النفسية بعد ذلك ، ولا يدركون مدى الأذى النفسي الذي تعرض له .
تقول ع. ك ، بحسب مجلة "حريتي" : " كنت أحمل طفلتي الرضيعة لتحصل علي أول تطعيم لها، وإذا بشخص يتعقبني في الشارع متلفظاً بألفاظ بذيئة، تجاهلت كالمعتاد الأمر رغم كل الغضب الذي ملأني من رجل لا يشعر بحالتي الصحية بل الأمر تطور بيده لتلمسني، لم أدر بنفسي وأنا أصفعه علي وجهه بقوة. جري واختفي بعدها من يومها أعصابي تعبت ولم أستطع إرضاع طفلتي ثلاثة أيام حتي إن زوجي عرضني علي طبيب نفسي " .
تحرش ممزوج بجبن
عادة يكون الرجل المتحرش جبان لا يقوى على مواجهة الضحية ولا يحتمل نظرات الغضب البركانية ، تحكي "م. ن" حكايتها مع المتحرش الجبان قائلة : " كنت مسافرة لقريبتي ومعي بناتي الصغيرات وأثناء صعودي القطار حاول أحد الركاب مساعدتي وحمل ابنتي "عامين" وبدأ يلاعب الطفلة. وبعد مرور الوقت شعرت بيد غريبة تقترب مني ولما نظرت إليه وجدته جالساً بشكل عادي، رغم شكي فيه تكرر الأمر مرة ثانية فالتفت بسرعة فوجدته قد قام من مكانه".
أما سماح طالبة الصف الثالث الإعدادي فكانت ضحية للتحرش اللفظي، وتقول: "كنت أذهب إلي المدرسة كل يوم مع زميلاتي، وهناك مجموعة من الشباب يقفون علي ناصية الشارع يتعرضون لنا بألفاظ بذيئة وكلام حساس وحاولوا تشويه سمعتنا أمام الناس لدرجة ان بابا قعدني من المدرسة نهائياً ."
بحجة ضعيفة طلبت "س. د" موظفة ، نقلها من المكتب نتيجة تحرش زميلها اللفظي ، وتقص حكايتها قائلة : وأنا في المكتب وجدت زميلا لي يقول إفيهات وعبارات خارجة عن الآداب العامة ويتحدث في الأمور الشخصية، طلبت نقلي أكثر من مرة لكن رفض طلبي لأن حجتي كانت ضعيفة حيث أنني خشيت من ذكر السبب الحقيقي" .
أوقفوا التحرش الجنسي
هناك نماذج يطوين في قلوبهن حكايات أكثر مرارة إلا أنهن يخشين الإبلاغ حفاظاً على سمعتهن ، لذا تبني المركز المصري لحقوق المرأة حملة "أوقفوا التحرش الجنسي" أهدافها تشجيع البنات والسيدات بالإبلاغ عن هذه الجرائم دون خوف من كلام الناس أو أعراف المجتمع "العيب والفضيحة" .
لقد شملت الحملة كافة أنواع التحرش الجنسي سواء التعليقات غير المريحة الإيماءات البذيئة اقتفاء الأثر الكشف غير اللائق للجسد اللمس الفاحش، أو أي سلوك تطفلي يحمل معني جنسياً بشكل يجعل المرأة تشعر بعدم الأمان والطمأنينة.
قام المركز المصري لحقوق المرأة في حملته، علي بحث ميداني لعينة من 2800 شكوي أوضحت نتائجه أن التحرش الجنسي لا يهدد فقط عينة من النساء ولكنه قضية منتشرة في المجتمع المصري بأكمله.
حيث أظهرت نتائج البحث أنه لا عمر أو طبقة اجتماعية معينة للتحرش فحتي ربات البيوت لم يسلمن منه، وكذلك صاحبات الوظائف المرموقة. ومعظم الأشكال الشائعة في التحرش غير مناسبة مثل اللمس "بنسبة 40%" يليه التحرش بالألفاظ البذيئة 30%.
كشفت النتائج أيضاً عن أن نسبة 30% من المعتدي عليهن بالتحرش الجنسي تأتي بشكل يومي ونسبة أخري تصل إلي 12% يتعرضن للانتهاك في أغلب الأحيان يومياً، كما أن 12% فقط من المعتدي عليهن يلجأن للشرطة ولكنهم صرحوا بعدم الثقة في النظام القانوني لحمايتهن من المتحرشين بهن.
وقد بيّن البحث أن مبررات القبول الاجتماعي لهذه الأفعال أو علي الأقل الصفح عنها يبدأ من الرغبة في عقاب المرأة علي التمرد علي دورها التقليدي في المنزل أو إعاقة النساء الحاصلات علي وظائف، وصولاً إلي قصور في إدراك الرجال للأثر المحزن والجارح لأفعالهم تجاه النساء.
حبس وغرامة للمتحرش
لم تتوقف الحملة على عرض نتائج البحث فقط ، وإنما طالبت بتنفيذ فعلي لمواد القانون الخاصة بالتحرش الجنسي والتي من الواضح أنها لا تفعل تجاه من يقومون بهذه الأفعال حيث تنص المادة 306 مكرر من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 93 لسنة 1995 بالعقاب بالحبس لمدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين لكل من تعرض لأنثي علي وجه يخدش الحياء بالقول أو بالفعل في طريق عام أو مكان مطروق، ويسري حكم الفقرة السابقة علي من يخدش حياء الأنثي عن طريق التليفون.
أما المادة 306 تنص بالعقاب بالأشغال الشاقة من ثلاث إلي سبع سنوات علي كل من هتك عرض بالقوة أو التهديد، والمادة 278 تنص علي أن كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة أو غرامة لا تتجاوز 30 جنيه مصري.
إثباتاً للنفوذ
من جانبه يؤكد الدكتور خضر بارون اختصاصي علم النفس بالكويت ، أن التحرش يكون إما بقصد الجنس، أو بقصد الإساءة، أو بقصد معرفة مدى استعداد الطرف الآخر للتفاعل، ومما لا شك فيه أن التحرش بهدف الجنس هو الأكثر شيوعاً في أماكن العمل، وهذا التحرش يطول أو يقصر وفق طبيعة الاستجابة التي تقوم بها الموظفة المتحرش بها، كما يتميز هذا النوع من التحرش بمصاحبة التهديد الإداري، أو اللجوء إلي المسؤول لاستخدام نفوذه وقوته الإدارية، في إرهاب الموظفة، حتى تستجيب له.
ويضيف بارون قائلاً هناك تحرش الإساءة، وهو الذي يقوم به المسؤول للإساءة إلى الموظف، حتى يتخلص منه في نهاية الأمر، أما بخصوص التحرش، يجيب بارون، من أكثر النتائج خطورة، تلك التي تقع على الموظفة، فهي الأكثر عرضة للضرر النفسي، والاجتماعي، والإداري، وهناك موظفات يقعن فريسة للتحرش، لأنهن يعتقدن أن المدير لا يطاله عقاب، وبعض الموظفات يلجأن إلى أسلوب الهروب الإداري، وهو الانتقال إلى إدارة أخرى بعيدة عن أعين وسلطة المدير، الذي يتحرش بهن، وفريق من العاملات يفضلن الهروب الاجتماعي، وهو الاكتفاء بالاعتكاف، والابتعاد عن التفاعل الاجتماعي مع الموظفين، وعدم الاحتكاك بهم، وبعض المتحرش بهن يستخدمن القانون لمعاقبة المتحرش، وهؤلاء قلة، لعدم معرفتهن بقنوات الاتصال التي تحقق لهن حقوقهن.
إثباتاً للسلطة الذكورية
تؤكد الدكتورة ناولة درويش أن " التحرش الجنسي يحدث بجميع المجتمعات ، فقد قامت منظمة العمل الدولية بدراسة عام 1992 تناولت من خلالها موضوع التحرش حيث تبين أنه مرتبط ارتبطاً وثيقاً بممارسة السلطة ، وكثيراً ما تحدث بمجتمعات ما تحمل نظرة دونية للإنسان" وعن تعريف التحرش الجنسي أضافت " هو عبارة عن ممارسات غير مصرح بها لها طابع جنسي باللمس أو التقرب أو الاحتكاك الجسدي أو العبارات الجنسية أو الاستعراض الإباحي أو عروض بممارسة الجنس سواء تم ذلك من خلال الكلمات أو من خلال الأفعال" .
وتضيف د. ناولة أن " هناك اعتقاد خاطئ أن التحرش الجنسي هو تصاعد فى العملية الجنسية أو عبارة عن شهوة جنسية متصاعدة ، ولكن فى الواقع التحرش لا يمثل إلا شكلاً من أشكال العنف ، وطريقة لإثبات السلطة الذكورية على النساء ، ولكن مع هذا التصور الخاطئ يعتقد البعض أن التحرش تصرف طبيعي أو عادي وهنا يكمن الخلل الذي يدل علي وجود مشكلة اجتماعية ".
98% من المتحرشين رجال
في محاولة لإبعاد الشبهة عن أنفسهم يزعم العديد من الرجال تعرضهم لتحرشات نسائية ، إما في العمل إذا كانت المرأة ذات المنصب الأعلى ، أو في الشارع ، ولكن الإحصاءات الصادرة عن المنظمات الدولية تؤكد أن 98 % من الاعتداءات الجنسية يرتكبها رجال، من بينهم 19 % تقل أعمارهم عن 18 سنة فيما يتجاوز معدل الضحايا من النساء 80% وتصل نسبة القاصرات منهن إلى 62 % ، وعلى رغم ذلك، لا تبلّغ السلطات الأمنية والقضائية إلا بنسبة لا تتجاوز 10 % وذلك وفق ما أوردته جريدة "الحياة اللندنية ".
*
__________