أبو جابر رضي الله عنه
" ابكوه أو لا تبكوه فان الملائكة لتظله بأجنحتها "
حديث شريف
هو عبدالله بن عمرو بن حرام الأنصاري السُّلَمي الخزري ،
أحد السبعيـن الذين بايعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيعة العقبة الثانية ،
جعله الرسول الكريم نقيبا على قومه من بني سلمة ولما عاد الى المدينة وضع نفسه وماله في خدمـة الاسلام
وصاحب رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ليلا نهارا بعد هجرته
الى المدينة
الخزيرة
أمر عبد الله بخزيرة فصُنِعَت ، ثم أمر ابنه جابر فحملها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له :( ما هذا يا جابر ؟ ألحمٌ ذا ؟)
قال :( لا يا رسول الله ، ولكن أبي أمر بخزيرة فصنعتها ثم أمرني فحملتها )
قال :( ضعها )
فأتى جابر أباه فقال له :( ما قال لك رسول الله ؟)
قال جابر :( قال لي : ما هذا يا جابر ألحم ؟)
قال عبد الله :( إني أرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أحسِبُ يشتهي اللحم )فقام إلى داجن فذبحها ، ثم أمر بها فشُويَت ، ثم أمر جابر فأتى بها ،
فقال رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- :( جزاكم الله معشرَ الأنصار خيراً ، ولا سيما آل عمرو بن حرام وسعد بن عبادة )
احساس الشهادة
في غزوة أحد سنة ( 3 هـ ) ، غمره احساسا رائعا بأنه لن يعود ،
فدعا ابنه جابر بن عبدالله وقال له :( اني لا أراني الا مقتولا في هذه الغزوة ، بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين ، واني والله ، لا أدع أحدا بعدي أحب الي منك بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وان علي دينا فاقض عني ديني ، واستوص باخوتك خيرا )
أحد والشهادة
وفي غزوة أحد ، دارت معركة قوية بين المسلمين والمشركين ، كاد أن يكون النصر للمسلمين لولا انكشاف ظهرهم ، عندما انشغل الرماة بجمع الغنائم ،
ففاجأهم العدو بهجوم خاطف حول النصر الى هزيمة ولما ذهب المسلمون بعد المعركة ينظرون شهدائهم ، ذهب جابر بن عبدالله يبحث عن أبيه ، حتى وجده شهيدا ، وقد مثل به المشركون
ووقف جابر وبعض أهله يبكون الشهيد عبدالله بن عمرو بن حرام
يقول جابر :( لمّا قُتِل أبي يوم أحد جعلتُ أكشف الثوبَ عن وجهه وأبكي ، وجعل
أصحاب رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ينهوني و النبي -صلى اللـه عليه وسلم- لا ينهاني ،
وجعلت عمتي فاطمة بنت عمرو تبكي عليه ،
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
( ابكوه أو لا تبكوه فان الملائكة لتظله بأجنحتها )
الدفن
وعندما جاء دور عبدالله ليدفن نادى الرسول -صلى الله عليه وسلم- :
( ادفنوا عبدالله بن عمرو وعمرو بن الجموح في قبر واحد ، فانهما كانا في الدنيا متحابين ، متصافيين )
فكُفِّنا في كفنٍ واحد في قبرٍ واحد
الرسول ينبأ بشغف أبوجابر للشهادة
كان حبه-رضي الله عنه- بل شغفه للموت في سبيل الله منتهى أطماحه وأمانيه ،
ولقد أنبأ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عنه فيما بعد نبأ عظيم يصور شغفه
بالشهادة ، فقال -عليه الصلاة و السلام- لولده جابر يوما
:( يا جابر : ما كلم الله أحدا قط الا من وراء حجاب ، ولقد كلم كفاحا -أي مواجهة-
فقال له :( يا عبدي ، سلني أعطيك )
فقال :( يا رب ، أسألك أن تردني الى الدنيا ، لأقتل في سبيلك ثانية )
قال الله له :( انه قد سبق القول مني : أنهم اليها لا يرجعون )
قال :( يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة )
فانزل الله تعالى :( ولا تَحْسَبَنّ الذينَ قُتِلوا فِي سَبِيلِ اللهِ أمْواتاً بلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبّهِم
يُرْزَقُون *** فَرِحِينَ بِمَا أتَاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ ويَسْتَبْشِرُونَ بِالذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِنْ
خَلْفِهِم ألا خَوْفٌ عَلَيْهِم ولا هُمْ يَحْزَنُون )سورة آل عمران ( أية 169 / 170 )
الدِّيْن
أتى جابر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال :( إنّ أبي تَرَك عليه دَيْناً وليس
عندنا إلا ما يُخرجُ نُخْلُهُ فلا يبلُغ ما يُخرج نخله سنتين ما عليه ، فانطلق معي لكيلا
يفحشَ عليّ الغرماء )
فمشى حول بيْدَرٍ من بيادر التمر ، ودعا ثم جلس عليه وقال :( أين غُرماؤهُ ؟)
فأوفاهُم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم
السيل
وبعد أربعين سنة أجرى معاوية عيناً ، فأصاب سيلها قبور شهداء أحد ،
قال جابر بن عبد الله :( صُرِخَ بِنا إلى قَتلانا يوم أحُدٍ حين أجرى معاوية العين ،
فأخرجناهُما بعد أربعيـن سنـة ليّنةً أجسادهُـم تُثنّى أطرافهم )
وقال :( فرأيت أبي في حفرته كأنّه نائم وما تغيّر من حاله قليل ولا كثير )
وقال :( وكانا قبرهُما ممّا يلي المَسيل فدخله السيل فحفر عنهما ، وعليهما نمِرتان ،
وعبدالله قد أصابه جُرْحٌ في وجهه فيدُهُ على جُرْحه ، فأميطتْ يدُهُ عن جُرحه فانبعث
الدمُ ، فردّت يدهُ إلى مكانها فسكن الدمُ !!)
------------ --
ابقوا معنا وانتظروا الشخصية القادمة إن شاء الله