[size=18]
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} [سورة آل عمران:102 ]
{يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [سورة النساء: 1]
{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [سورة الأحزاب: 70-71]
أما بعد، فإنَّ أصدق الحديث كلام الله تعالى، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخوتي في الله..
والذي برأ الحبة وخلق النسمة إنِّي أحبكم في الله، وأسأل الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، اللهم اجعل عملنا كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل فيه لأحد غيرك شيئاً.
أحبتي في الله..
كثيراً ما سألتكم وما يزال السؤال مطروحاً إلى الآن، لماذا دبَّ الوهن فينا؟ لماذا لا يعتقد أي منَّا أنه أهل لأن يمكن له؟ لماذا انتكس من انتكس؟ لماذا تولى من تولى؟ لماذا صرنا إلى نقصان بعد أن كنا في زيادة؟…. إنه داء الفتور في الالتزام.
أخي في الله..
هل كنت تحفظ القرآن ثم تركت؟!
هل كنت تقوم الليل ثم نمت؟!
هل كنت ممن يطلب العلم ثم فترت؟!
هل كنت ممن يعمل في الدعوة ثم تكاسلت؟!
هذا واقع مرير يمر به كثير من شباب الأمة، نسأل الله لنا ولكم العافية، تمامها ودوامها والشكر عليها.
فكم من أعمال بدأت ولم تتم بسبب مرض الفتور!!
وكم من أعمال بمجرد أن بدأت ماتت وانتهت، وهي مازالت مشروعات على الأوراق!
وكم من أناس ما زال الفتور بهم، وتقديم التنازلات حتى وصل إلى ترك الدين بالكلية، والبعد عن الدين بالمرة، ونسيان الله بالجملة.
كم من أناس هم موتى اليوم، وهم لا يشعرون ولا يعلمون، هل هم أحياء أم ميتون؟!! نسأل الله أن يحيي قلوبنا.
أحبتي في الله..
رسالتنا هذه تحمل اسم "الجدية في الالتزام"، فإنَّ أكبر سبب من أسباب الفتور هو فقدان الجدية، فأنت ترى الجدية واضحة عند كثير من المسلمين في طلب الدنيا، فهو إذا افتتح مصنعاً أو شركة أو دكاناً أو نحو ذلك فإنه يبذل أقصى جهده، ويستولي هذا العمل على جهده ليلاً ونهاراً، يستولي عمله على كل قوته، وكل تفكيره، وكل إمكانياته، فهو يعيش وينام لهذا العمل الدنيوي.
أما أهل الدين ففي الخذلان والكسل والتواني والإخلاد إلى الأرض والرغبة في الدعة والراحة.
إخوتاه..
إنني -والله- أتعجب من لاعبي الكرة كيف يبذلون جهدهم وطاقتهم إخلاصاً للكرة!! وهؤلاء الممثلون في إخلاصهم من أجل الشهرة، والمطربون والمغنيين إخلاصاً للموسيقى، ونفقد نحن هذا الإخلاص في الملتزمين بشريعة رب العالمين.
فمن يعملون لأجل جنة عرضها السموات والأرض متكاسلون فاترون، وللأسف الشديد إنَّ أحدنا ليستحي من لاعب كرة يتدرب ليل نهار، ويلعب ليل نهار، من أجل حطام الدنيا الفاني، للأسف الشديد إنَّ أي طالب في الثانوية العامة يبذل جهداً أضعاف أضعاف أي طالب علم يطلب العلم لله، أليس الأمر كذلك أم أنَّ هذا الكلام غير واقعي؟!
يا شباب الإسلام..
إنه واقع مر يستوجب منا وقفات، لماذا يدب الوهن في قلوبنا؟ لماذا تفتر سريعاً عزائمنا؟ لماذا يولي بعضنا الأدبار عند أول صدمة؟!!
والجواب:
لأننا أخذنا ديننا بضعف، كانت لي محاضرة قديمة بعنوان "بين سحر الحواة ولعب الهواة ضاع الدين" ضاع الدين لأن كثيراً من شباب المسلمين حملوا هذا الدين هواية، كهواية جمع طوابع البريد، وهواية المراسلة، وهواية لعب الكرة، فدخل الدين هواية، ونحن نواجه ملحدين محترفين، نواجه كفاراً محترفين، ولا يمكن للهواة أن يقفوا في وجه هؤلاء، فلابد -إخوتاه- من احتراف الدين.
إنني لا أطلب منك أن تترك دراسة الهندسة، ولا الطب، ولا الزراعة؛ لتطلب العلم الشرعي، لا أطالبك بشيءٍ من هذا، وإنما أطالبك أن تكون مهندساً محترفاً في أعمال الهندسة وإخضاعها للدعوة إلى الله، وخدمة الدين.
أطالبك أن تكون طبيباً ولكنك احترفت الطب لخدمة الدين، أطالبك أن تكون تاجراً ولكن عبد المال لخدمة رب العالمين.
من أنت؟!!
أخي في الله..
لو أنني سألتك هذا السؤال وقلت لك: ما اسمك عند رب العالمين؟ فبم تجيب؟ من أنت؟!!
هل أنت فلان الكذاب، أو الغشاش، أو المرائي، أو المنافق، أو .. أو؟!
أم أنت فلان المؤمن، أو الموحد، أو القوَّام، أو الصوام، أو القائم بالقسط، أو الذكِّير، أو الصِّدّيق .. آهٍ .. آهٍ
من أنت؟!
أجبني -أخي- الآن، قبل أن تنبأ به غداً على رؤوس الأشهاد يوم تبلى السرائر، يوم الفضيحة الكبرى فلا أبأس ولا أشقى ولا أذل منك يومئذٍ.
إني أريد أن أسألك ما هي وظيفتك عند الله؟!!
إن أكثرنا يعمل لحساب نفسه، ونسي الله الذي خلقه، ما هي وظيفتك في خدام الله؟! إن قلت لي: لا شيء. فأنت -أيضاً- لا شيء، فإن لم يكن لك وظيفة عند ربك فلا نفع لك في هذه الدنيا، ولا قيمة لك عند الله، فإنما قيمة العبد عند الله حين يعظمه العبد، فيعظم الله في قلبه، وإذا عظم الله في قلبك فأبداً لا تطيق ولا تستطيع أن تجلس هكذا لا تدعو إلى طريق مولاك.
أخي الحبيب..
لا تخادع نفسك، فأنت على نفسك بصير، لا تقل: كنت وكان وسوف، فإنها حبائل الشيطان، بل سل نفسك بصدق وفي الحال: من أنا عند الله؟!
فإن أدركت أنك في الحضيض، فقل لها: وحتى متى؟! فإن تسرب إليك هاتف من يأس فذكرها بالله الرحيم، فإن تعلقت بالرحمة ولم تعمل فهذا عين الغرور، فمن يحسن الظن بالله يحسن العمل، وما مآل المغترين إلا أن يبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون.
وإن كنت على خير فإياك أولاً أن تغتر أو تعجب، بل سل نفسك حينئذٍ: أين شكر النعم؟! وهل ما أنا فيه استدراج؟ ومدار النجاة في أن تكون دائماً في زيادة، فإن كنت في نقصان فهنا البلية الكبرى، لأنَّ الموت قد يفجأك على هذه الحالة، ومازلت أنت تذكر ليلة قمتها، ويوم بعيد صمته، وتركن على أعمال هزيلة لا تغني عنك من الله شيئاً، فما عساك تصنع حينها؟
قال ابن مسعود: "إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد رغبته، ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له".
أخي..
أفق من غفوتك، وانهض من رقدتك، فالعمر قليل، والعمل كثير، فإلى متى النكوص والفتور والتواني والكسل، إلى متى هجران الطاعات؟ وترك المندوبات؟ بل قل: ترك الواجبات، وآكد الفرائض المحتمات، واستمراء المعاصي والسيئات، والاجتراء على الوقوع في المهلكات.
إلى متى؟! إلى متى؟
يا نفس: بالله أجيبيني!! مادمت تعرفين أنَّك لا تساوين شيئاً عند الله، وأنَّك رضيت بالهوان فآثرت نعيماً فانياً، وزهدت في جنات خالدة، أما تنظرين إلى من ساروا في هذا الدرب كيف فتنوا؟ كيف ذلوا وصغروا؟ كيف شقوا فما والله سعدوا؟
ثمَّ بعد ذلك إلى الردى تريدين!!
يتبع[/size]
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} [سورة آل عمران:102 ]
{يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [سورة النساء: 1]
{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [سورة الأحزاب: 70-71]
أما بعد، فإنَّ أصدق الحديث كلام الله تعالى، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخوتي في الله..
والذي برأ الحبة وخلق النسمة إنِّي أحبكم في الله، وأسأل الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، اللهم اجعل عملنا كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل فيه لأحد غيرك شيئاً.
أحبتي في الله..
كثيراً ما سألتكم وما يزال السؤال مطروحاً إلى الآن، لماذا دبَّ الوهن فينا؟ لماذا لا يعتقد أي منَّا أنه أهل لأن يمكن له؟ لماذا انتكس من انتكس؟ لماذا تولى من تولى؟ لماذا صرنا إلى نقصان بعد أن كنا في زيادة؟…. إنه داء الفتور في الالتزام.
أخي في الله..
هل كنت تحفظ القرآن ثم تركت؟!
هل كنت تقوم الليل ثم نمت؟!
هل كنت ممن يطلب العلم ثم فترت؟!
هل كنت ممن يعمل في الدعوة ثم تكاسلت؟!
هذا واقع مرير يمر به كثير من شباب الأمة، نسأل الله لنا ولكم العافية، تمامها ودوامها والشكر عليها.
فكم من أعمال بدأت ولم تتم بسبب مرض الفتور!!
وكم من أعمال بمجرد أن بدأت ماتت وانتهت، وهي مازالت مشروعات على الأوراق!
وكم من أناس ما زال الفتور بهم، وتقديم التنازلات حتى وصل إلى ترك الدين بالكلية، والبعد عن الدين بالمرة، ونسيان الله بالجملة.
كم من أناس هم موتى اليوم، وهم لا يشعرون ولا يعلمون، هل هم أحياء أم ميتون؟!! نسأل الله أن يحيي قلوبنا.
أحبتي في الله..
رسالتنا هذه تحمل اسم "الجدية في الالتزام"، فإنَّ أكبر سبب من أسباب الفتور هو فقدان الجدية، فأنت ترى الجدية واضحة عند كثير من المسلمين في طلب الدنيا، فهو إذا افتتح مصنعاً أو شركة أو دكاناً أو نحو ذلك فإنه يبذل أقصى جهده، ويستولي هذا العمل على جهده ليلاً ونهاراً، يستولي عمله على كل قوته، وكل تفكيره، وكل إمكانياته، فهو يعيش وينام لهذا العمل الدنيوي.
أما أهل الدين ففي الخذلان والكسل والتواني والإخلاد إلى الأرض والرغبة في الدعة والراحة.
إخوتاه..
إنني -والله- أتعجب من لاعبي الكرة كيف يبذلون جهدهم وطاقتهم إخلاصاً للكرة!! وهؤلاء الممثلون في إخلاصهم من أجل الشهرة، والمطربون والمغنيين إخلاصاً للموسيقى، ونفقد نحن هذا الإخلاص في الملتزمين بشريعة رب العالمين.
فمن يعملون لأجل جنة عرضها السموات والأرض متكاسلون فاترون، وللأسف الشديد إنَّ أحدنا ليستحي من لاعب كرة يتدرب ليل نهار، ويلعب ليل نهار، من أجل حطام الدنيا الفاني، للأسف الشديد إنَّ أي طالب في الثانوية العامة يبذل جهداً أضعاف أضعاف أي طالب علم يطلب العلم لله، أليس الأمر كذلك أم أنَّ هذا الكلام غير واقعي؟!
يا شباب الإسلام..
إنه واقع مر يستوجب منا وقفات، لماذا يدب الوهن في قلوبنا؟ لماذا تفتر سريعاً عزائمنا؟ لماذا يولي بعضنا الأدبار عند أول صدمة؟!!
والجواب:
لأننا أخذنا ديننا بضعف، كانت لي محاضرة قديمة بعنوان "بين سحر الحواة ولعب الهواة ضاع الدين" ضاع الدين لأن كثيراً من شباب المسلمين حملوا هذا الدين هواية، كهواية جمع طوابع البريد، وهواية المراسلة، وهواية لعب الكرة، فدخل الدين هواية، ونحن نواجه ملحدين محترفين، نواجه كفاراً محترفين، ولا يمكن للهواة أن يقفوا في وجه هؤلاء، فلابد -إخوتاه- من احتراف الدين.
إنني لا أطلب منك أن تترك دراسة الهندسة، ولا الطب، ولا الزراعة؛ لتطلب العلم الشرعي، لا أطالبك بشيءٍ من هذا، وإنما أطالبك أن تكون مهندساً محترفاً في أعمال الهندسة وإخضاعها للدعوة إلى الله، وخدمة الدين.
أطالبك أن تكون طبيباً ولكنك احترفت الطب لخدمة الدين، أطالبك أن تكون تاجراً ولكن عبد المال لخدمة رب العالمين.
من أنت؟!!
أخي في الله..
لو أنني سألتك هذا السؤال وقلت لك: ما اسمك عند رب العالمين؟ فبم تجيب؟ من أنت؟!!
هل أنت فلان الكذاب، أو الغشاش، أو المرائي، أو المنافق، أو .. أو؟!
أم أنت فلان المؤمن، أو الموحد، أو القوَّام، أو الصوام، أو القائم بالقسط، أو الذكِّير، أو الصِّدّيق .. آهٍ .. آهٍ
من أنت؟!
أجبني -أخي- الآن، قبل أن تنبأ به غداً على رؤوس الأشهاد يوم تبلى السرائر، يوم الفضيحة الكبرى فلا أبأس ولا أشقى ولا أذل منك يومئذٍ.
إني أريد أن أسألك ما هي وظيفتك عند الله؟!!
إن أكثرنا يعمل لحساب نفسه، ونسي الله الذي خلقه، ما هي وظيفتك في خدام الله؟! إن قلت لي: لا شيء. فأنت -أيضاً- لا شيء، فإن لم يكن لك وظيفة عند ربك فلا نفع لك في هذه الدنيا، ولا قيمة لك عند الله، فإنما قيمة العبد عند الله حين يعظمه العبد، فيعظم الله في قلبه، وإذا عظم الله في قلبك فأبداً لا تطيق ولا تستطيع أن تجلس هكذا لا تدعو إلى طريق مولاك.
أخي الحبيب..
لا تخادع نفسك، فأنت على نفسك بصير، لا تقل: كنت وكان وسوف، فإنها حبائل الشيطان، بل سل نفسك بصدق وفي الحال: من أنا عند الله؟!
فإن أدركت أنك في الحضيض، فقل لها: وحتى متى؟! فإن تسرب إليك هاتف من يأس فذكرها بالله الرحيم، فإن تعلقت بالرحمة ولم تعمل فهذا عين الغرور، فمن يحسن الظن بالله يحسن العمل، وما مآل المغترين إلا أن يبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون.
وإن كنت على خير فإياك أولاً أن تغتر أو تعجب، بل سل نفسك حينئذٍ: أين شكر النعم؟! وهل ما أنا فيه استدراج؟ ومدار النجاة في أن تكون دائماً في زيادة، فإن كنت في نقصان فهنا البلية الكبرى، لأنَّ الموت قد يفجأك على هذه الحالة، ومازلت أنت تذكر ليلة قمتها، ويوم بعيد صمته، وتركن على أعمال هزيلة لا تغني عنك من الله شيئاً، فما عساك تصنع حينها؟
قال ابن مسعود: "إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد رغبته، ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له".
أخي..
أفق من غفوتك، وانهض من رقدتك، فالعمر قليل، والعمل كثير، فإلى متى النكوص والفتور والتواني والكسل، إلى متى هجران الطاعات؟ وترك المندوبات؟ بل قل: ترك الواجبات، وآكد الفرائض المحتمات، واستمراء المعاصي والسيئات، والاجتراء على الوقوع في المهلكات.
إلى متى؟! إلى متى؟
يا نفس: بالله أجيبيني!! مادمت تعرفين أنَّك لا تساوين شيئاً عند الله، وأنَّك رضيت بالهوان فآثرت نعيماً فانياً، وزهدت في جنات خالدة، أما تنظرين إلى من ساروا في هذا الدرب كيف فتنوا؟ كيف ذلوا وصغروا؟ كيف شقوا فما والله سعدوا؟
ثمَّ بعد ذلك إلى الردى تريدين!!
يتبع[/size]