الخطبة وما يترتب عليها |
الكاتب فريق حامل المسك | |
بعد أن تمت الرؤية الشرعية وبمجرد الموافقة التى حدثت ما بين الطرفين، تبدأ مرحلة الخِطبة .. وهنا لابد من وقفة لتجديد النوايا .. فهل تتزوج حقًا إبتغاء مرضات الله عز وجل أم لأجل سعادتك الشخصية؟ لذا لابد أن نعرف في البداية ما معنى الخطوبة .. فهي وعد بالزواج واتفاق غير مُلزم بين الطرفين .. أي إنه إذا شعر أحد الطرفين بعدم الارتياح يمكنه إلغاء الأمر في أي وقت. والخطوبة ليست شرطًا لصحة الزواج .. فمن الممكن الزواج مباشرة دون خطبة، وهي سُنة عن النبي صلى الله عليه و سلم؛ لإنه قد خطب السيدة عائشة والسيدة حفصة رضي الله عنهما. ولا يترتب على الخطبة سوى حكم شرعي واحد فقط وهو إنه لا يجوز أن يتقدم أحدًا آخر لخطبتها، لقول النبي صلى الله عليه و سلم "ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب" [صحيح البخاري] .. وهذا يدل على تحريم أن يخطب أحدهم على خطبة أخيه. ولا شيء يترتب على فسخ الخطبة، غير أن الحظر الذي كان على المخطوبة قد رُفع ويستطيع شخص آخر أن يتقدم لها. والهدايا تُرد إلى الخاطب إذا كانت هي من فسخت الخطبة، ولا تُرد إذا كان الفسخ من جهته. والحكمة من الخطبة هي: الاستقرار من الطرفين على شريك الحياة، والتمهيد للزواج .. فبإتمام الخطبة يكون قد انتهى التفكير في شريك الحياة وتم اتخاذ القرار، فنستغل الفرصة بأن يرفع كلا الطرفين من رصيدهما الإيماني. وليست الحكمة منها التعارف أو التآلف بين الطرفين كما هو مُتعارف بين الناس؛ ففترة الخطوبة هي فترة تجمل ولا يمكن بحال معرفة الطرف الآخر إلا بالعِشرة .. لذلك يجب تفويض الأمر إلى الله تعالى ودوام الاستخارة، فنحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر. لم يرد في الشرع ما يُحدد مدة معينة للخطبة .. فحسب ظروف كلا الطرفين قد تطول المدة أو تقصر. ولكن كلما طالت فترة الخطوبة، كلما حدثت فيها مخالفات شرعية .. لأنكما لن تستطيعا التحكم في قلوبكما وبالتالي ستكون تصرفاتكما بدون تفكير .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"[رواه مسلم] .. وفي الغالب يؤدي طول فترة الخطبة إلى خلافات بين العائلتين. وإن كان لابد من طول فترة الخطوبة، فيجب أن يكون التواصل في الأعياد والمناسبات فقط، بحيث لا يحدث جفاء ولا يتم التواصل بشكل كبير. حتى يتم العقد و البناء ويبارك الله في اجتماعهما. أما المكالمات الهاتفية .. فلابد من مراعاة هذه الضوابط فيها: 1) أن تكون بموافقة الولي وفي وجود محرم. 2) أن يكون الحديث بالمعروف وبطريقة رسمية. 3) أن يكون الحديث في حدود الحاجة وليس طوال الوقت بحجة التعارف. 4) أن لا يجد طريقاً آخر يبلغها به بما يريده؛ كأخته أو أخيها أو عن طريق رسالة . ولا مانع من الزيارات .. ومن الممكن أن تتكرر، لكي يتعرف على أهلها جيدًا ويحدث تلاقي ما بين العائلتين، لكن بحدود كي نتفادى المشاكل ولا نقع فى المخالفات. فاصبر تنّل ما تريد .. إن صبرت في هذه الفترة ستنال كل السعادة بعد الزواج إن شاء الله تعالى، فلا تُضيعها لأجل لحظات عابرة قد تؤدي إلى الندم بعد ذلك. قال تعالى {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)}[النساء] .. فعندما شرع الله عز وجل هذا التشريع وحدد هذه الضوابط الواضحة في علاقة الخاطب ومخطوبته، كان تخفيفًا عليكم لأن الإنسان مهما أوتي من قوة فهو ضعيف أمام الفتن، ولا يوجد أشد من فتنة النساء على الرجال والعكس صحيح. وليس السعيد من يخرج مع مخطوبته ويستمتعان بكل لحظة سويًا، إنما السعيد من يتجنب الفتن ولا يُعرض نفسه لها .. كما قال حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم "إن السعيد لمن جنب الفتن" [رواه أبو داود وصححه الألباني] المصادر: درس "أحلى خطوبة" لفضيلة الشيخ هاني حلمي. |