السواك
السواك والاستياك بمعنى تنظيف الفم والأسنان بالسواك،
ويطلق السواك على الآلة وهي العود الذي يستاك به.
والسواك سبب لتطهير الفم وموجب لمرضاة الله سبحانه وتعالى ، كما ثبت
من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" السواك مطهرة للفم ، مرضاة للرب "
علقه البخاري في صحيحه (2/274) ووصله أحمد (6/47) والنسائي (1/50)
وإسناده صحيح (الإرواء 1/105).
وقد ورد في حقه الندب المؤكد كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة "
رواه البخاري (2/299) ومسلم (1/151) . وفي رواية للبخاري : " عند كل وضوء ".
وقد حكى الإمام النووي رحمه الله إجماع من يعتد برأيهم على استحباب السواك وسنيته،
ومما يدل على عظم شأنه أن بعض السلف قال بوجوبه ومنهم الإمام إسحاق بن راهويه .
الأوقات التي يستحب فيها السواك
السواك مستحب في كل جميع الأوقات من ليل أو نهار لعموم
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة المتقدم :
" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب "
وقد ذكر العلماء مواضع يتأكد فيها استحباب السواك فمن ذلك
1- عند الوضوء والصلاة
لقوله صلى الله عليه وسلم :
" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة "
وفي رواية مع كل وضوء وقد تقدم .
2- عند دخول البيت للالتقاء بالأهل والاجتماع بهم
كما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها أنها سئلت :
بأي شيء يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته ،
قالت : " كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك "
رواه مسلم (1/220) .
3- عند الإنتباه من النوم
لحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال :
" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك "
رواه البخاري (1/98) ومسلم (1/220) ومعنى : يشوص فاه ، أي : يغسله ويدلكه .
4- عند تغير رائحة الفم سواء كان التغير بأكل ماله رائحة كريهة أو بسبب طول الجوع
أو العطش أو غير ذلك : لأنه إذا كان السواك مطهرة للفم فإن مقتضى ذلك أن يتأكد السواك
متى احتاج الفم إلى التطهير .
5- عند دخول المسجد لأنه من تمام الزينة التي أمر الله بها عند كل مسجد،
قال تعالى :
( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد )
ولما فيه من حضور الملائكة واجتماع المصلين .
6- عند قراءة القرآن وفي مجالس الذكر لحضور الملائكة .
الاستياك للصائم
اتفق أهل العلم رحمهم الله على أنه لا بأس في الاستياك للصائم أول النهار، واختلفوا في الاستياك
للصائم بعد الزوال فمنهم من كرهه والصحيح أنه سنة في حق الصائم كغيره لعموم الأدلة
التي تدل على سنية السواك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن وقتاً دون وقت
والعام يجب بقاؤه على عمومه إلا أن يرد مخصص وأما ما استدلوا به من
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي "
رواه الدارقطني وهو حديث ضعيف قال ابن حجر في التلخيص الحبير (1/62) : إسناد ضعيف .
فالحديث ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الاستدلال
بقوله صلى الله عليه وسلم :
" لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "
رواه البخاري (2/29) ومسلم (2/806)
فإن هذا الخلوف لا يذهبه السواك لأن سببه خلو المعدة ، ثم إنه قد يحصل في أول النهار
إذا لم يستحر الصائم والجميع متفق على جواز السواك في أول النهار ، فتبين بهذا أن السواك
مستحب حتى للصائم من غير تفريق بين أول النهار وآخره.
ما يستاك به
اتفق العلماء على أن أفضل ما يستاك به هو عود الأراك لما فيه من طيب وريح وتشعير
يخرج وينقي ما بين الأسنان من بقايا الطعام وغير ذلك ،
ولحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال :
كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكاً من الأراك
الحديث وراه أحمد (3991) وسنده حسن ( الإرواء 1/104) .
ومن ثم استحب الفقهاء إذا لم يوجد عود الأراك التسوك بجريد النخل، ويليه التسوك
بعود شجرة الزيتون وقد رويت في ذلك أحاديث لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والصواب أن كل عود مُنقٍّ غير مضر يقوم مقام السواك عند عدمه في التنظيف وإزالة
ما يعلق بالأسنان من أذى . وكذلك فرشاة الأسنان المعروفة نافعة واستخدامها مفيد .
ما لا يتسوك به
ذكر أهل العلم أنه يحرم التسوك بالأعواد السامة أو ما ليس بطاهر،
وكذلك يكره الاستياك بكل عود يُدْمي أو يحدث ضرراً أو مرضاً .
صفات المسواك
ذكر الفقهاء استحباب السواك بعود متوسط الغلظ والطول ، وحدوه بغلظ الخنصر،
وأن يكون خالياً من العُقَد ، وأن لا يكون رطباً يلتوي لأنه إذا كان كذلك فلا يزيل الأذى،
وأن لا يكون يابساً يجرح الفم أو يتفتت فيه ، ولا شك أن تطلب ذلك من باب الكمال
وإلا فإن الأدلة الواردة في السواك لم تقيد سواكاً دون آخر بل يجوز الاستياك بكل عود يحقق
مقصود الشارع في الأمر بالسواك والحث عليه .
كيفية الاستياك
اختلف الفقهاء في الاستياك هل يكون باليد اليمنى أو باليد اليسرى
فذهبت طائفة وهم الجمهور إلى أن الأفضل الاستياك باليد اليمنى لعموم
حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله
متفق عليه
ولأن السواك طاعة وقربة لله تعالى فلا يكون باليسرى .
وذهبت طائفة أخرى من العلماء إلى استحباب الاستياك باليد اليسرى لأنه من باب إزالة الأذى
وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
وفصّل بعض أهل العلم بأن المتسوك إن كان يقصد تحصيل السنة فيستاك باليد اليمنى
وإن كان يستاك لإزالة الأذى فباليسرى ، والراجح أن الأمر في هذا واسع لعدم ثبوت النص الخاص
في المسألة ولكل قول وجهه .
واستحب الفقهاء أن يبدأ المرء في استياكه من الجانب الأيمن عرضاً لأن الاستياك طولاً قد يجرح اللثة،
وذكروا من جملة آدب السواك
- أن لا يستاك بحضرة جماعة أو في المحافل العامة لأنه ينافي المروءة .
- أن يغسل السواك بعد الاستياك لتخليصه مما علق به وفي
حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك ، فيعطيني السواك لأغسله ،
فأبدأ به فأستاك ، ثم أغسله وأدفعه إليه
رواه أبو داود (1/45)
- أن يحفظ السواك بعيداً عما يستقذر .
الاستياك بالإصبع
وفي إجزاء التسوك بالإصبع عند عدم وجود غيره خلاف بين أهل العلم، والراجح أنه لا تحصل به
السنية لأن الشرع لم يرد به ولا يحصل الإنقاء للفم به مثل حصوله بالعود ونحوه.
ومما يلحق بالعود ونحوه استعمال أدوات تنظيف الأسنان الحديثة مثل الفرشاة ونحوها مما
يحصل به إزالة الأذى وطيب رائحة الفم إلخ
ولا بأس باستعمال السواك بنكهة النعناع والليمون وما شابه ذلك ما لم تكن ضارّة ولكن على الصّائم
أن يجتنب استعمال ما فيه نكهة ويقتصر أثناء صيامه على السّواك الطبيعي.
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقول